اجراها/ الاب ازاد شابا
نشرت في مجلة نجم المشرق العدد 48 السنة الثانية عشرة (4) 2006
س: سيادة المطران، نرجو ان تتحدثوا لنا عن ولادتكم ودعوتكم الكهنوتية؟
ج: انا المطران اندراوس ججو صنا، ولدت في قرية ارادن من ابرشية العمادية بتاريخ 20 كانون الاول سنة 1920. دخلت معهد مار يوحنا الحبيب الكهنوتي في الموصل في نهاية شهر ايلول سنة 1933، حيث تلقيت دراستي المتوسطة والاعدادية والفلسفية واللاهوتية مدة اثنتي عشرة سنة.
س: متى جرت رسامتكم الكهنوتية واين مارستم خدمتكم الكهنوتية؟
رسمت كاهنا بتاريخ 15 ايار سنة 1945 في عهد مثلث الرحماة المطران حنا قريو راعي ابرشبة العمادية الذي عينني بعد شهر واحد من رسامتي الكهنوتية لخدمة قريتي (داودية) و (تنى) خلفا للمرحوم القس بطرس شلي الراهب.
ولما تعين مثلث الرحمة روفائيل ربان مطرانا على ابرشية العمادية، اخذني عنده لاسكن معه في المطرانية، واساعده في بعض شؤون الابرشية. وذلك سنة 1947.
كان يوجد حول مدينة العمادية ثلاث قرى كلدانية وهي كوماني وديري وحمزية. فقمت بخدمتها الدينية، اضافة الى الجماعة الصغيرة التي كانت تسكن العمادية. في كل من تلك القرى الثلاث كان كاهن طاعن في السن. وتوفوا ثلاثتهم خلال سنين قليلة. اضافة الى خدمتي لتلك القرى الثلاث، كانت ترسلني رئاسة الابرشية الى هذه او تلك من القرى للقيام بخدمات دينية او ادارية.
س: متى ارتقيتم الى الدرجة الاسقفية لابرشية عقرا؟
ج: في سنة 1957 انتخبت اسقفا لابرشية عقرا. اقمت في مدينة عقرا من تشرين الاول 1957 الى نيسان 1962. ولما ساءت احوال الشمال، وانسحب ابناء ابرشيتي الى الموصل، انسحبت انا ايضا الى الموصل في عهد مثلث الرحمة المطران عمانوئيل ددي الذي كان مثالا في الطيبة والوداعة والفضيلة. وسكنت معه في دار المطرانية. وفي الموصل كنت اسعى لدعم مسيحيي ابرشية عقرا الذين كانوا قد هاجروا ايضا الى الموصل. وكنت ازور قريتي خرجاوا ونوهاوا، وادعم اهاليهما الذين لم يهاجروا دعما معنويا وماديا، اضافة الى الخدمات الدينية المالوفة.
في مدة بقائي مهاجرا في الموصل، تمكنت ان اقتصد بعض النقود التي كنت احصل عليها من المحسنين، واشتريت بها لابرشية عقرا في الموصل اربعة بيوت: ثلاثة منها في محلة (مياسة) وراء كنيسة مسكنته والرابع في محلة القلعة بقرب كنيسة مار يوسف.
وفي سنة 1966 نقل مثلث الرحمة المطران (البطريرك) روفائيل بيداويد من ابرشية العمادية الى بيروت، وانيطت بي ايضا خدمة ابرشية العمادية لمدة سنتين اي حتى سنة 1968.
س: نرجو ان تستعرضوا لنا خدمتكم في ابرشية كركوك؟
ج: في سنة 1978 شغر كرسي ابرشية كركوك فنقلت اليه. وقمت بادارة هذه الابرشية الى اصبحت متقاعدا سنة 2003.
في ابرشية كركوك قمت ببعض المشاريع، منها على سبيل الذكر وليس الحصر:
- بناء قاعة كبيرة بجوار المطرانية، استعملت كنيسة قبل بناء الكاتدرائية.
- بناء هيكل اضافي في كنيسة طهمزكرد الاثرية المشهورة، وبجوارها بنيت دارا لحارس هذه الكنيسة.
- ان كنيسة القلعة في كركوك التي كانت كاتدرائية الابرشية تهدمت وسقطت، وان مسيحييها كانوا قد تركوها ونزلوا الى المدينة اسوة بسائر سكان كركوك. فان مثلث الرحمة المطران اسطيفان جبري، مطران كركوك الاسبق، كان قد شيد في احد احياء المدينة كنيسة مار يوسف، واتخذها كاتدرائية مؤقتة للابرشية. وتبعه في ذلك مثلثو الرحمة افرام كوكي، والمطران روفائيل ربان، والمطران كورئيل قودا.
ولما تسلمت الابرشية بتاريخ 1/1/1978 كانت كنيسة مار يوسف ما تزال الكنيسة الكاتدرائية، فعقدت النية ان اشيد كنيسة كاتدرائية لائقة بالابرشية، وبعون الله تعالى تسنى لي ذلك في العقد الاخير من خدمتي الاسقفية، فقامت كاتدرائية قلب يسوع بجوار المطرانية.
- بناء دار جديدة لكاهن كنيسة مريم العذراء، ثم اشتريت لوقف الابرشية الارض التي بجوار هذه الكنيسة مساحتها نحو 1450 مترا مربعا، حيث بنيت في قسم منها دارا للاكليريكيين المتقاعدين، وانا اول من يشغلها الان، وبجانبها بنيت دارا لسكن من يقوم بخدمة الاكليريكيين المتقاعدين.
س: واستعفائكم من الخدمة الاسقفية؟
ج: في سنة 2003، وقد بلغت بل عبرت سن التقاعد الكنسي، قدمت الاستقالة من الخدمة الاسقفية، وسلمت المسؤولية لراعي ابرشية كركوك الجديد سيادة المطران لويس ساكو، والان اسكن في كركوك في البيت المخصص للاكليروس المتقاعد بكل هدوء واطمئنان.
س: ان ما تميزتم به هو نشاطكم الثقافي في المجمع العلمي العراقي، نرجو ان تحدثنا عن هذا النشاط؟
ج: سنة 1972 تاسس المجمع العلمي للغة السريانية في بغداد، فعينت عضوا فيه، ثم انتخبت رئيسا له، ولما وحدت المجامع العلمية الثلاثة في العراق تحت اسم “المجمع العلمي العراقي” اصبحت عضوا فيه، وتراست هيئة اللغة السريانية، ومازلت عضو شرف في هذا المجمع.
من نشاطاتي الثقافية تاليف بعض الروايات التمثيلية مثلت في اكثر من مكان، ولكنها مازالت مخطوطة، وهي: استشهاد مار شمعون برصباعي، استشهاد مار كوركيس، استشهاد مار قرداخ، اهتداء مار بولس.
لدي منشورات عديدة، اهمها كتاب “تاريخ المسيحية في كركوك وباجرمي – منشورات مركز جبرائيل دنبو الثقافي (39) بغداد 2006 يقع في 110 صفحة. ومقالات كثيرة في مجلتي “مجمع اللغة السريانية” و “المجمع العلمي العراقي” اثنتا عشرة حلقة في الموضوع “بين العربية والسريانية”: اكتشاف الابجدية، اللغة الارامية، نشوء الخط السرياني، نشوء الخط العربي في جزءين، تناظر الحروف العربية والسريانية في الصوت والصورة، نشوء النقط والحركات لدى السريان … الخ. باباي الجبلتي، موسيقار من القرن السابع الميلادي، ولدي ترجمات منها “خلق الانسان” لعمانوئيل بر شهاري.
س: ما العبر والمبادىء التي سرتم عليها في حياتكم وتريدون ان تقدموها لقراء مجلة “نجم المشرق”؟
ج: اود ان اختم بكتابة قسم من المبادىء التي اقتنعت بها على مر الايام والسنين.
على الانسان ان يشكر الله تعالى على كل خير اتاح له ان يقوم به، لا سيما تجاه اناس كافأوه بالشهر.
ليست كل حياة حلوة. فعليه ان يشكر الله على الفقرات الطيبة، وان يستسلم صابرا لمشيئته تعالى على المرة.
على الانسان الا يستثني احدا من المحبة والخير، مهما كان الامر احيانا صعبا على الطبيعة البشرية.
على الانسان الا يدع ان تفوته فرصة لعمل الخير، فلعله لن يلقاها ثانية.
مهما كان الانسان عاقلا او عالما او غنيا او شهيرا، او … لا يجدر به ان يعتبر نفسه افضل من الاخرين، ولا ان يستهين باحد. وليكن على قناعة بان: لعل ذاك الفقير الذي انهكته الايام والسنين، والذي ترتعد اطرافه، او تلك الارملة العجوز المسكينة المستعطية، افضل منه.