اجراها/ الاب ازاد شابا
نشرت في مجلة نجم المشرق العدد 44 السنة الحادية عشرة (4) 2005
صادفت زيارتنا له مناسبتين: الاولى خروجه للتو من عملية جراحية في الظهر، والثانية صدور معجمه الجديد (روض الكلم). كاتب وشاعر وخطاط وفنان، يقضي اكثر من ست ساعات في المطالعة والكتابة يوميا، ويمتلك خزانة كتب تضم مصادر غنية في حقلي اللغة والتراث. وقد ورد اسمه في موسوعات عديدة، انه الاستاذ بنيامين حداد، وتقديرا له ولماثره كان هذا اللقاء:
س: بدءا نقول الحمد لله على سلامتك، وتمنياتنا لك بالشفاء. هل لك ان تعرفنا والقراء بنفسك؟
ج: بنيامين يوسف حداد، من مواليد القوش 1930. متزوج ولي ابنان وخمس بنات. اكملت دراستي الابتدائية في مسقط راسي سنة 1947. والتحقت بدار المعلمين الريفية. خدمت في حقل التعليم لفترة 35 سنة، خمس منها في منطقة صبنا، في ارادن والداؤودية، ثم في بغداد. ومن ضمن هذه الفترة ايضا اضطلاعي بمهمة مسؤول شعبة تدريس اللغة السريانية في وزارة التربية. نلت عضوية العديد من المؤسسات الثقافية منذ بداية السبعينيات.
س: هل لك ان تذكر لنا بعضا منها؟
ج: كنت عضوا في الهيئة الادارية للجمعية الثقافية للناطقين بالسريانية. وعملت في تحرير مجلتها (الصوت السرياني). وعضوا في الهيئة الادارية لاتحاد الادباء الناطقين بالسريانية، كما عملت لفترة سكرتيرا لتحرير مجلة (المثقف الاثوري) الصادرة عن النادي الثقافي الاثوري. وكنت عضوا في اتحاد الادباء والكتاب العراقيين. واحمل هوية الاتحاد العام للادباء والكتاب في الوطن العربي. وعملت محررا وسكرتيرا للتحرير في مجلة (المكتب السرياني) التي يصدرها اتحاد الادباء العراقيين. كما عملت محررا في مجلة (بين النهرين) واعمل رئيسا لتحرير جريدة (ناقوشا: الناقوس) التي يصدرها المجلس الكلدو اشوري السرياني القومي. ومحررا في مجلة (ربنوثا) ومحررا وخبيرا في مجلة (المجمع العلمي العراقي – هيئة اللغة السريانية).
اشتغلت في المؤسسة العامة للاذاعة والتلفزيون – القسم السرياني – لسنوات عديدة مترجما ومذيعا، وقدمت من اعدادي عشرات البرامج الاذاعية في التراث الشعبي (الفلكلور). كما اعددت وقدمت المجلة الثقافية السريانية التي كانت تصور في بغداد، وتبث من خلال قناة تلفزيون كركوك. وعملت خبيرا ثم عضوا في هيئة اللغة السريانية – المجمع العلمي العراقي.
س: على ذكر المجمع العلمي العراقي، كيف كانت تلك المرحلة التي عملتم فيها، وما تقييمك لنتاجات المجمع عموما؟
ج: تجدر الاشارة الى ان الهيئة السريانية في المجمع العلمي كانت قبل انضمامها الى المجمع المذكور تدعى (مجمع اللغة السريانية) الذي كان يشغل عضويته كتاب وباحثون معروفون ومتضلعون من اللغة السريانية، وبرغم قصر عمر هذا المجمع الا ان نتاجاته كانت خصبة، وتضمنت اعمالا قيمة، وحقق الكثير من كتب التراث النفيسة، فضلا عن اصدار مجلته الاكاديمية السنوية بشكل منتظم.
س: اذا عدنا الى البدايات، كيف كانت؟ وفي اي اتجاه بدات؟ وما هي باكورة اعمالك؟
ج: البداية كانت بالشعر، بدات بنظم الشعر بالسريانية الدارجة مبكرا، فنظمت اول قصيدة وانا في السنة الاخيرة من دراستي الابتدائية، قوامها (اربعة وعشرون مربعا) من الوزن السباعي، قلتها في نقد بعض المظاهر السلبية في بلدتي القوش، وضعتها في قالب كوميدي ساخر. ونظمت بعد هذه القصيدة، عشرات القصائد العمودية التقليدية وغيرها من قصائد الشعر الحر في اغراض شتى، عاطفية، وفي وصف الطبيعة، والاوضاع الاجتماعية، وفي الرثاء وغيرها من الاغراض الشعرية.
ولقد القيت غالبية تلك القصائد في المناسبات الثقافية والاماسي الشعرية في الجمعيات والاتحادات والنوادي، كما ان معظم ما نظمته من الشعر قد نشر في الصحف والمجلات وقمت بجمع اعمالي الشعرية في ديوان مخطوط.
س: وما اشهر قصيدة نظمتها؟
ج: من اشهر قصائدي المنشورة (شاعر انا) وقد ترجمت الى الانكليزية وقسم منها الى الكردية. ومن قصائدي المعروفة الاخرى: قصيدة (القوش)، (شفتاك)، (البرد)، وقصيدة في الهجرة بعنوان (اعدني الى موطن ابائي).
س: ننتقل الى حقل التراث الشعبي او الفلكلور؟
ج: في حقل التراث الشعبي نشرت اكثر من 30 بحثا غطت نمط الحياة الاجتماعية في قرى سهل نينوى وخصوصا في بلدتي القوش. كما كتبت بحوثا كثيرة عن التراث الادبي العراقي القديم، ومن اشهر تلك البحوث (بناء شخصية البطل في الادب العراقي القديم) و (مفهوم الخلود في الادب العراقي القديم) ودراسة في ملحمة كلكامش، مقارنة مع ملاحم اخرى شرقية وغربية.
س: ماذا عن مجال الترجمة والتحقيق؟
ج: في مجال الترجمة اوالتحقيق نشرت مواضيع وكتبا بشكل حلقات في مجلات عديدة مثل (بين النهرين) و (الثقافة المهجرية) و (الصوت السرياني) و (نجم المشرق).
وكتبت عشرات السير لوجوه سريانية قديمة وحديثة (حياتهم واثارهم الكتابية) وذلك في معجم الادب السرياني، الجزء الاول والجزء الثاني وفي الدوريات المحلية. لي ايضا في مجال البحث العلمي رسائل في فرزات مستقلة.
س: قبل ان نطرق باب المعاجم والقواميس، يسرنا ان نكون من اوائل المهنئين بصدور معجم جديد لك، حدثنا عنه، وهل تعتبره انجازا مهما؟
ج: معجم (روض الكلم) العربي السرياني الذي صدر قبل ايام هو اضخم انجازاتي المعجمية. وهو ثمرة جهود تواصل لفترة ربع قرن من الزمن، حاولت من خلال مسح امهات المصنفات في تراثنا اللغوي العريق استخراج كنوزه التي اودعت لنا في عشرات الكتب والمعاجم اللغوية القديمة والحديثة، مما وضعه لغويون من المستشرقين.
في معجمي هذا اضع في ايدي القراء مفتاحا سهلا لمغاليق كنوز لغتنا السريانية، فالمفردة العربية التي اجعلها مفتاحا لمصنفي، والتي يلم بها جل ابناء شعبنا بهذه المفردة العربية، تمكننا ان نغزو عوالم وافاق لغتنا السريانية التي تضمها معاجمنا، سواء كانت احادية اللغة او ما ثناها او ثلثها من اللغات الاخرى. هذه المعاجم التي غدت اليوم المفردة السريانية التي جعلت مفتاحا لها عصية على غالبية ابناء امتنا، بسبب ما نعانيه من امية او جهل بلغتنا الام.
يقع هذا المعجم في قرابة 1400 صفحة من الحجم الكبير قياس (32×23) سم. كما يحتوي على ملحق باسماء الاعلام التراثية، ادرجت ابجديا بعد تاصيلها وذكر اللغة التي اشتقت منها.
س: علمنا بان لك باعا طويلا في مجال المعاجم والقواميس، ما اشتغالاتك في هذا الاتجاه؟
ج: من اشتغالاتي في هذا المجال اذكر:
- الاثار الارامية في امثال الموصل العامية 1975.
- 35 حلقة تحت عنوان (معجم الصفحة) وهو ما اتفق بين السريانية والعربية معنى ومبنى او شكلا ودلالة 1975-1976.
- مصطلحات سريانية في العلوم الاجتماعية والصناعات والعلوم (بالاشتراك) 1976.
- الدليل الى ما في لهجة القوش من الدخيل (القسم الاول) 1987.
- معجم بنى الرباعي واصوله في السريانية في 6 حلقات 1978-1985.
- الميزان (معجم الفعل السرياني المقارن مع اللغات السامية كافة) في اربع حلقات 1986-1989.
- اصول اسماء الاعلام التقليدية في تراث السريانية القسم الاول 1987.
- الكشاف الشعري السرياني 1991.
- معجم العلم الديني المركب في ارامية الحظر في حلقتين 1995-1996.
- معجم الاصول اللغوية (بالاشتراك) 1996.
- الميزان (معجم موسع مقارن بين السريانية والعربية شكلا ودلالة) 2002.
- معجم الفعل في سريانية الدارجة مع الاستخدامات المجازية لكل فعل، مخطوط في اكثر من 1000 صفحة.
- ديوان الامثال الشعبية الالقوشية في اكثر من الف مثل مرتبة معجميا (مخطوط).
- معجم اسماء النباتات في السريانية (مخطوط).
- حققت مخطوطة الترجمان وهو معجم موضوعات (سرياني – عربي) لايليا بر شينايا مطران نصيبين.
س: مشاريعك الانية والمستقبلية؟
ج: صدر لي مؤخرا كتابان: سفر القوش الثقافي، ترجمت فيه سير مئات الوجوه الثقافية من الذين انجبتهم بلدتي القوش 2001. ورحلة سكماني، وتروي احداث سفرة مار يوسف اودو الى روما سنة 1869 لحضور المجمع المسكوني الفاتيكاني الاول، ومن ثم زيارته الى اسطنبول والقاهرة (2003).
ولدي تحت الطبع: القطر البحري (بيث قطرايي)، وتاريخ بيت الاب لمؤلفه المطران ايليا ابونا (ترجمة وتحقيق)، ومعجم الترجمان المذكور اعلاه.
ومن مشاريعي المستقبلية: معجم ابجدي شامل بالديارات النصرانية.
س: بعيدا عن الكتابة والبحث، كيف تقضي اوقاتك؟ وما هي هواياتك؟
ج: اقضي معظم اوقاتي في المطالعة، واهوى الرسم ولي فيه محاولات عديدة، كما اهوى العمل على الخشب واعتبر النجارة فنا، وقد مارسته فترة، وفي مجال الخط السرياني انجزت اكثر من عشر مخطوطات، واعشق النغمة الشرقية وخصوصا الكنسية منها.
س: كلمة وتوجيه للشبيبة الصاعدة من هواة الكتابة؟
ج: اتمنى على الشبيبة عموما ان يكونوا طموحين، واصحاب رسالة وهدف، وان لاتكون حياتهم فارغة، بدون هدف، فهذه خسارة. خصوصا ونحن في عصر العلوم والتكنولوجيا والسرعة. انصحهم باستغلال الوقت، الوقت هو اهم شيء واثمن شيء، واتمنى ان لا يفرطوا في اضاعته بل ان يستفيدوا منه ويفيدوا الاخرين.