قمة غلاسكو، هل ستكون الفرصة الاخيرة لانقاذ البشرية؟

الصورة لتساقط البرد في شهر اب الماضي لضاحية في ستوكهولم

Foto by Carolina

قمة غلاسكو، هل تكون الفرصة الاخيرة لانقاذ البشرية؟

  الاب ازاد شابا

 تتوجه الانظار هذه الايام صوب مدينة غلاسكو الاسكتلندية، لمتابعة قمة المناخ التي انطلقت الاحد الماضي 31 تشرين الثاني/نوفمبر، والمعروفة ب COP26، بمشاركة واسعة من دول العالم، في محاولة لانقاذ الكوكب من كارثة مناخية كبيرة بعد التغيرات المناخية المدمرة التي اصابته خلال العقد الاخير.

وتأتي هذه القمة التي تستمر حتى 12 من الشهر الحالي، في وقت وصل حال كوكبنا الى ما هو عليه اليوم نتيجة تغيّر المناخ الناجم عن استخدام الوقود الأحفوري على مدى 150 عاما. وقد نجم تغير المناخ هذا، عن الغازات المسببة للاحتباس الحراري، والتي ارتفعت كمياتها في الغلاف الجوي عن المعدلات الطبيعية بسبب ما خلفته اعمال الانسان وانشطته، وخاصة في مجال الطاقة الني نعتبر المسؤول عن ما نسبته ثلثي انبعاثات هذه الغازات.

ومن المؤسف، ان المؤتمرات والقمم السابقة الكثيرة بعددها ال 25 لم تتمكن من تغيير شيء على ارض الواقع، بل كانت حبرا على ورق كما يقال. حتى اتفاقية باريس 2015، التي تبنتها 197 دولة، وقررت ان تقف في مواجهة تغير المناخ وآثاره السلبية، لم تنجح في تحقيق هدفها في الحد بشكلٍ كبير من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري والحد من زيادة درجة الحرارة في هذا القرن إلى درجتين مئويتين او ما دون، حسب تلك الاتفاقية، مع الاخذ بنظر الاعتبار، ان الاتفاقية شكلت إطاراً مهما لتوجيه الجهود العالمية لعقود قادمة، ورغم انها كانت بمثابة نقطة تحول نحو عالم منخفض الكربون.

وعطفا على ذلك، فان البابا فرنسيس منوها الى الاتفاقية المذكورة، في الرسالة التي وجّهها إلى المشاركين في المؤتمر، نوه الى عدم امكانية تحقيّق اهدافها إلا إذا تم العمل بطريقة منسقة ومسؤولة، واصفا تلك الاهداف بإنها طموحة، لكن لا يمكن تأجيلها. واشار الى الحاجة من أجل التزام الجميع ولاسيما البلدان المتقدمة، والتي يجب أن تتبنى دورًا رائدًا في مجال تمويل المناخ، وإزالة الكربون من النظام الاقتصادي وحياة الأشخاص، وتعزيز الاقتصاد الدائري، ودعم البلدان الأكثر ضعفاً من أجل نشاطات التكيف مع آثار تغير المناخ والاستجابة للخسائر والأضرار الناجمة عن هذه الظاهرة. كما وشدد البابا على نفاذ وقت الانتظار؛ معرجا على الفئات التي ستدفع ثمنا باهضا وستتألّم كثيرا بسبب أزمة المناخ هذه، وعلى الخصوص فئات السكان الأكثر هشاشة، مشيرا الى ظهور ازمات جديدة، منها أزمة لحقوق الأطفال وظهور المهاجرين البيئيين الذين سيكونون في المستقبل القريب أكثر عددًا من لاجئي الصراعات. وبالتالي لا بد من التصرف بإلحاح وشجاعة ومسؤولية، والعمل أيضًا لتحضير مستقبل تكون فيه البشرية قادرة على الاعتناء بنفسها وبالطبيعة.

انها حالة طوارىء عالمية، ولحظة اتخاذ اخطر قرار، الوقت ينفذ، والخيارات تتضاءل، ان لم نقل انه خيار وحيد ليس له بديل، والعالم ينتظر قرارات شجاعة وملموسة لانقاذ البشرية. على المؤتمرين في غلاسكو اليوم، بل الان، ان يتحملوا مسؤولياتهم بالتزام دولي بحلول منسقة على جميع المستويات، ويسلكوا بقلبهم قبل ان يحكموا عقلهم، ويبادروا بتعاون وتضامن دولي لمساعدة الدول على التحرك نحو اقتصاد منخفض الكربون والتعهد بصناعة الطاقة النظيفة. ومساعدة الدول الفقيرة التي تعاني بشكل اكبر من تبعات التغيرات المناخية. ولكن في المقابل، يتعين على هذه الدول الفقيرة والنامية مواصلة تحسين جهودها في التصدي للاحتباس الحراري في ضوء اوضاعها الخاصة، وتوظيف المساعدات المقدمة لها في السعي بقوة وشفافية لتخفيف اثار الازمة.

قمة غلاسكو-الفرصة الاخيرة- امام المحك، فهل ستحقق انتظارات البشرية؟ هل سيتمكن القادة والساسة من تغليب مصير الكون ومستقبل الاجيال الجديدة على ماربهم ومطامعهم وانانيتهم..؟ هل سيبذلون جهودا حقيقية في السعي من اجل اتخاذ قرارات جريئة وحاسمة هذه المرة، أم ان الاقتصاد والمصالح والمكاسب ستطغى مجددا؟ هل سيعتمدون اتفاقية باريس، دستورا ملزما يفعل في نهاية القمة، وفق جدول زمني محدد لتنفيذ بنوده؟ واخيرا وليس اخرا، هل ستكون قمة غلاسكو مرحلة مفصلية، ام رقما يضاف الى الارقام الاخرى؟

فلننتظر ونرى.

شاهد أيضاً

إصدار جديد لسيادة الحبر الجليل مار ازاد شابا

إصدار جديد لسيادة الحبر الجليل مار ازاد شابا تقديم: الاكليريكي ألفير أمجد ضمن سلسلة منشورات …