كنيسة مار زيعا في دهوك
تقديم
من ضمن المساعي التي بدأنا القيام بها منذ فترة، بالتعاون مع ذوي الارادة الطيبة لجرد الاملاك والاراضي والبساتين العائدة لأبرشية دهوك الكلدانية، وتسجيل ما لم يتم تسجيله، ومحاولة الوقوف على التجاوزات. قبل ايام وبالتحديد في الخامس عشر من شهر اذار الحالي 2023، قمنا بزيارة الى موقع كنيسة مار زيعا في منطقة معلثايا (مالطا نصارى) بدهوك، بغية القاء نظرة على بناية الكنيسة وما طرأ عليها وعلى محرماتها من تغييرات وتجاوزات.
الوصول الى الموقع
انطلقنا من دار المطرانية بالسيارات، مصطحبين معنا دليلا، احد ساكني المنطقة سابقا، ليقودنا الى موقع الكنيسة. عند وصولنا، قام الدليل بطرق باب احد الدور، فخرجت امرأة مسنة لطيفة، لترحب بنا. فدخلنا من باب المطبخ ومررنا داخل البيت الى الجهة الاخرى حيث الحديقة المتاخمة لبقايا الكنيسة، وهي مزروعة ببعض الخضار. لم نتمكن من الدخول الى المتبقي من هيكل الكنيسة، فقد حولها صاحب الدار الى مخازن خاصة به. وما تبقى شاخصا من الكنيسة هو بعض الاجزاء التي تمكنت من الصمود بوجه عاديات الزمن.
التجاوزات على الموقع
كنيسة مار زيعا اليوم، ولشديد الأسف، هي مطوقة بل مخنوقة ليس من الجهات الاربع، فهي محاطة بخمسة دور شيدت على اراضها ومحرماتها. ويمكن تصور حجم التجاوزات على ارض الموقع من كل حدب وصوب كما هو واضح في المخطط المرفق، الذي يوضح ان مساحة الكنيسة الاجمالية مع باحتها هي نحو 5000م، ولم يتبق منها الان سوى 440م فقط، وحتى هذا ليس متاحا لنا، ولا سبيل للوصول اليه. والأنكى من ذلك، هو تسجيل ملكية الارض باسم وزارة الاوقاف؟!
كنيسة مار زيعا
اثناء ذلك، قمنا بالبحث عن تاريخ هذه الكنيسة بما توفر لدينا من مصادر، فوجدنا أن حبي قد أتى على ذكرها في معرض حديثه عن دهوك: “وقبل مدخل دهوك بكيلومترين تقوم مالطا،[1] التي هي (معلثايا) القديمة او (معلثا) اي المدخل الى الجبال، وبالتالي الى منطقة كردستان، حيث الطريق الى داسن والى بيت طوري. تسكنها عائلات كلدانية. وقد حفظ لنا التاريخ جملة مخطوطات مكتوبة لكنيسة مار زيعا في معلثايا […] ترجع الى السنوات ما بين 1698 و 1900 منها انجيل طقسي (اونكيليون دمفرشي) خطه بحرف اسطرنجيلي جميل القس كوركيس ابن القس اسرائيل ابن القس هرمزد ابن القس اسرائيل من القوش عام 1698. ولدى مروره بمعلثايا يلقى بادجر فيها 20 عائلة (1842-1844) وكذلك لايارد (1849)، بينما يلقاها الاب ريتوري أطلالا عام 1885.[2]
سيرة مار زيعا[3]
كان في فلسطين نحو سنة 309، رجل غني اسمه شمعون تزوج من هيلانة فرزقا بولدين، دخلا في شبوبيتهما سلك الجندية وكانا من الخيالة، ثم ولد زيعا.[4] وبعد ان نما وكبر حج الى الاماكن المقدسة في اورشليم وهناك رسم كاهنا. وكانت لديه رغبة الانتماء الى الحياة الرهبانية، فترك فلسطين وجاء الى المشرق مع تلميذ له اسمه تابور.
مكث زيعا وتلميذه في مغارة في جبل كارا في غربي شمال عقرا بالعراق، وبقيا في المغارة نحو 40 سنة. ثم ترك زيعا المغارة وذهب الى صبنا الى قرية تدعى موردني في منطقة العمادية. وكان الاسقف في تلك القرية مار شملي. من ثم انطلق هو وتلميذه الى قرية أقديش، ومن هناك الى قرية كوماني. ثم صعدا الى قرية اربوش، ومنها ثم الى منطقة باز. ولما لم يتمكنا من السكن فيها بسبب غلاظة سكانها مضى مع تلميذه الى تابور الى جيلو واقاما في لحف جبل دوراخ[5] وبنيا هناك هيكلا عظيما في قرية حملت اسمه منذ ذلك الحين، وبمعونة الملك ارباق بن زوراق. وبعد ان اقاما فيه سنتين وتسعة اشهر مرض تابور وتوفى في ايلول وكان عمره تسعين سنة وثلاثة اشهر. وتوفى زيعا في الاربعاء الاول من كانون الثاني وعمره مائة واثنتان وعشرون سنة وقبر في الهيكل الذي بناه وهو الى اليوم موجود في جيلو.
يعد زيعا احد القديسين الاكثر شعبية في منطقة نوهدرا، وقد خصَّه كاهن يدعى كوركيس بقصيدة.
[1] هي اليوم في دهوك، ومقسمة الى قسمين: مالطا نصارى، ومالطا اسلام.
[2] يوسف حبي، كنيسة المشرق الكلدانية-الاثورية، الكسليك-لبنان 2001 ص178.
[3] أدي شير، سير أشهر شهداء المشرق القديسين، الجزء الثاني، 2009، ص129-131: جان موريس فييه، القديسون السريان، نصوص ودراسات بيروتية 83، بيروت 2005، ص149.
[4] معناه الخوف.
[5] هذا الجبل بين جيلو وكاوار وفي لحفه قرية مار زيعا.