شمعون الشقلاوي
تقديم
كانت الأديرة دائماً، بالاضافة الى العون والخدمات التي تقدمها للخورنات وخدمة المؤمنين، كانت ايضا مراكز إشعاع فكرية، لبث المعرفة والعلم ونشر الثقافة ليس الدينية واللاهوتية فقط، بل والأدبية والتأريخية وفي كل صعد الحياة وميادينها. ومن يبحث في بطون الكتب والمكتبات، يكتشف قيمة هذه النتاجات والكتابات التي ابدعتها أنامل الرهبان والكهنة في غياهب القلايات والكهوف، إذ هي إرث زاخر ومعين لا ينضب لكل مطلع في علوم الدين واللغة والأدب وخاصة الشعر.
حياته
لا نعلم الكثير عن حياة شمعون سوى، انه راهب من شقلاوا عاش في نهاية القرن الثاني عشر، ورد لقبه بصيغ عديدة: الشنقلاوي، الشنقلابادي، الشقلبندايا، الشقلبازي … وذلك نسبة الى مسقط رأسه – شقلاوا – التي اختلفت الآراء حول تسميتها.
ثمة ضريح وحيد في أعلى كنيسة مريم العذراء في جبل سفين، معروف لدى العامة، ب “قاشا شمون”، يعتقد انه يضم رفات الراهب شمعون قد يكون ذلك صحيحاً، نظراً لان الرهبان كانوا يعملون ويخدمون في الخورنات القاصية والدانية، وبسبب صعوبة التنقل، كان يدفن من يقضي منهم في محل خدمته أو مسقط رأسه وليس في الدير.
نشاطه الفكري
- كان شمعون معلماً ليوحنا بر زوعبي، وعلى هذا الأخير، وضع شمعون في نهاية القرن الثاني عشر، تأريخاً،[1] رغم انه – اي الكتاب – لا يختص بالتاريخ، فهو حساب للسنة وشرح للتواريخ المختلفة بطريقة السؤال والجواب. ويقول تيسران عن هذا التأريخ، انه ليس سوى خلاصة لتعيين بعض الحوادث[2] وفي المرشد (رحلة 5 – ص11) ورد انه اشتهر في هذه القرية – شقلاوا – شمعون الشقلباري وله تاريخ بالآرامية ألفه أواخر القرن الثاني عشر للميلاد.
- عمل شمعون في مجال الشعر السرياني، وألّف قصيدة ولكن بانشاء غامض، كله لغز، لا يتوصل الى فهمه، لانه دون شروح، إلا ان عبد يشوع الصوباوي شرح القصيدة بعدئذ على طلب تلميذه ابراهيم. أما القرداحي فطبع هذه القصيدة في كتابه (الكتر الثمين) لكنه لم يتبعها بشرح عبديشوع فظلت غامضة.
- كتاب الآباء: وهو كتاب يقابل فيه الطبقات السماوية والمراتب الكنسية التي تضم ايضاً تسع رتب: البطاركة والميطرافوليطيين والأساقفة والخور أساقفة والكهنة والأنجيليين والرسائليين والقارئين، ويتضمن شرحاً للمؤلف عن معلومات نفيسة تطلعنا على دقائق الليتورجيا الشرقية الرائعة.[3]
واختلفت الآراء حول مؤلف الكتاب، فمنهم من نسبه الى شمعون الشقلاوي، أمثال: باريزو ودوفال وبنوع أكثر شابو. ومنهم من يعتقد العكس مثل المطران عمانوئيل دلي، حيث يرجح ان تعود قدمية الكتاب الى القرن الرابع عشر، مؤكدا ان الكاتب مطلع على ما ورد في مجمع طيمثاوس الثاني عام 1318 ومستنداً ايضاً الى ادلة اخرى تثبت صحة رأيه.[4]
- عمل ايضاً في جدول الحوذرا الشرقية.[5]
- نسبت اليه مؤلفات المسائل في القربان المقدس و العماذ.[6]
- ألف قصائد عديدة والغازا مفيدة.
وتخليدا لذكراه العطرة، كنا قد اطلقنا اسمه على المتحف الكبير الذي اعددناه وافتتحناه عام 2007 في كنيسة الانتقال في شقلاوا، بهدف تعريف الاجيال الجديدة بالشخصيات البارزة التي اعطتها شقلاوا للكنيسة.
[1] روبنس دوفال، تأريخ الأدب السرياني، تعريب الأب لويس قصاب، بغداد 1992، ص 226 و 426.
[2] اوجين تيسران، الخلاصة التاريخية، تعريب سليمان الصائغ، الموصل 1939، ص167.
[3] الأب البير أبونا، أدب اللغة الآرامية، بغداد 1970، ص332.
[4] المطران دلي، كتاب الآباء (ترجمة وتحقيق)، ساوثفيلد 1998.
[5] الأب البير أبونا، المصدر السابق ص332.
[6] ميخائيل كوسا، تأريخ شقلاوا، اربيل 2000.